فلسطينيو العراق

المعذبون في الارض – فلسطينيو العراق

  • المعذبون في الارض – فلسطينيو العراق

اخرى قبل 5 سنة

المعذبون في الارض – فلسطينيو العراق

د.سالم حسين سرية

يقول الشاعر :وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند

ينطبق قول الشاعر هذاعلى حال الشعب الفلسطيني الذي لجأ الى ارض العرب بعد النكبات التي حلت به فاضيف لرحلة التشرد رحلة العذاب التي لها بداية ويبدوا ان ليس لها نهاية .فهو يصنف كأجنبي في بلاد العرب ويعامل كمواطن من الدرجة العاشرة ويعاني ما يعانيه في اقامته ولقمة عيشه وتنقله .ويبدوا ان فلسطينيو العراق قد نالوا حصة الأسد من هذا العذاب .

وحكاية تشردهم بدأت عندما انسحب الجيش العراقي من فلسطين عام 1948 ونقل معه 5000 فلسطيني من قرى اجزم وجبع وعين غزال الى العراق وتعهد برعايتهم رافضا رعاية الانروا لهم لان الواجب القومي يقتضي رعايتهم ورحب بهم اهل الفلوجة الكرام قائلين :هم اهل الدار وليسوا ضيوف .وتولت وزارة الدفاع العراقية رعايتهم حتى اواخر عام 1950 لينتقل ملفهم الى وزارة الشؤون الاجتماعية فيما بعد .ووصل عددهم بين 1948-2003 الى 34000 لاجئ حسب احصائيات وكالة الغوث (الانروا ),استقرت تجمعاتهم في عدة احياء من بغداد : البلديات ,السلام , الزعفرانية ,وبغداد الجديدة اضافه الى قسم قليل في الموصل وقسم آخر في البصرة في مساكن بائسه .وبعد ثورة 17 تموز الخالدة صدر القانون رقم51 في عام 1971 (اضافة لقانون202 الصادر عن مجلس قيادة الثوره) :ونص على ان تتم معاملة الفلسطيني كالعراقي في جميع الامتيازات وحقوق المواطنة بما في ذلك منحة الحق في التوظيف والعمل في دوائر الدوله ومؤسساتها بالاضافة الى حقه في التعليم المجاني بكل مراحلة وحقه في الطب المجاني وحقه في التقاعد والبطاقه الغذائية الشهرية والسكن المجاني والإعفاء الضريبي . كما تتضمن الامتيازات إصدار وثائق سفر تمكّنه من السفر إلى خارج العراق، وإلزام السفارات العراقية خارج البلاد بمعاملته، حال مراجعته لها، كمواطن عراقي، فضلاً عن حق الاقتراض والمعاملات البنكية المختلفة، وأي امتيازات أخرى. ، باستثناء الجنسية والحقوق السياسية، مع إعفائهم من خدمة العلم. .كما تم بناء شقق سكنية لهم في البلديات ليخلصهم من المساكن البائسة التي يعيشون فيها .فهذه القرارات لم يكن فيها تفضيل على اخوانهم العراقيين كما يدعي الحاقدون اتباع الفرس وبريمر . وكان للفلسطينيين بصماتهم في نهوض العراق العلمي والفني والادبي واستشهد منهم ضباط كبار في الدفاع عن ثراه الطاهر في كل المعارك التي خاضها الجيش العراقي الباسل .

ماذا جرى لهم بعد احتلال بغداد ؟

1- ( فبعد أسابيع قليلة من احتلال بغداد، هاجمت قوة أميركية مبنى السفارة الفلسطينية، لتقتحمه وتصادر وثائق ومعلومات، وتعتقل موظفين وديبلوماسيين. كما قصفت قوات أميركية تجمّع الفلسطينيين في حي البلديات، متسببة في مقتل وجرح حوالي 60 فلسطينيا، ودمرت مباني سكنية. و في العام نفسه (2003) تعرّضت 344 أسرة فلسطينية للتهجير القسري من مليشيات طائفية مسلحة. ومع احتدام الصراع الطائفي، بعد تفجير مرقد الإمام العسكري العام 2006في سامراء، توسّل الفلسطينيون الهجرة، حفاظا على أرواحهم، وعلق بعضهم على حدود العراق مع دول عربية مجاورة في الصحراء أكثر من عامين ونصف العام، و منعتهم حكومة نوري المالكي من العودة إلى بغداد. كما دفعت هجمات المليشيات الطائفية التي احتدمت في العام 2013 آلافا من اللاجئين الفلسطينيين إلى هجرة جديدة نحو تركيا، وماليزيا، وتايلاند، وإندونيسيا، والهند، وغيرها، أقام الفلسطينيون في معظمها، في ظل ظروف قاسية، مهدّدين بالطرد والاعتقال. ووفقا للسفارة الفلسطينية في بغداد؛ قتل ما بين 2003 و2016 أكثر من 300 لاجئ فلسطيني على يد جماعات مسلحة. ومما زاد أوضاعهم سوءا أن الحكومات العراقية المتعاقبة، لا تعترف بهم، كونهم يحملون هويّاتٍ منحت لهم أيام الرئيس العراقي المرحوم صدّام حسين، ولم تمنحهم تلك الحكومات هويّات جديدة. وتركتهم من دون غطاء قانوني، مع النظر إليهم بوصفهم "أحباب صدّام"، أو "أزلام البعث"، أو بوصفهم سنّة، تّم النظر إلى حقوقهم وامتيازاتهم على أنها "حقوق غير طبيعية"، واستهدفوا بعمليات خطف وتعذيب وابتزاز مالي، من الحكومة العراقية، والمليشيات الطائفية، ونظر إليهم أمنيا بوصفهم مشاريع إرهابية، ولتجمعاتهم بوصفها بيئاتٍ حاضنةً للإرهاب. ولغاية التحريض على اللاجئين، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تقارير ملفّقة، منسوبةٌ لجهاتٍ رسمية عراقية، تشير إلى تورّط فلسطينيين في أعمال إرهابية، ادّعى أحدُها، أواسط العام 2017، منسوبا إلى وزارة الداخلية العراقية، أن الفلسطينيين احتلوا المرتبة الأولى في أعداد الانتحاريين العرب الذين فجّروا أنفسهم في العراق ما بين العام 2007 و2013.كما. لم يسلم الفلسطينيون، أيضا، من إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فبعد سيطرة الأخيرعلى الموصل، العام 2014، هرب الفلسطينيون من بطشه إلى مخيم بحركة في أربيل، ولم يستطيعوا العودة، بعد تدمير بيوتهم، وخشيتهم من بطش المليشيات الطائفية في عملياتٍ انتقامية، كما أبلغ التنظيم إبّان سيطرته على الأنبار 17 عائلة فلسطينية بوجوب مغادرة بيوتها، فنزحت إلى كركوك في كردستان العراق. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ استغلت عشائر مجاورة لتجمعهم الأكبر في حي البلديات (788 وحدة سكنية) الفوضى الأمنية لتهديدهم، وإجبارهم على غلق محالهم التجارية، ومغادرة مساكنهم، مع التمدّد والاستيلاء على المساحات الفارغة (حدائق أو ساحات) القليلة المتبقية ضمن الحي.كما وثّقت التقارير عمليات قتل وتهجير واعتقال تعسفي وتعذيب، وأحكاما جائرة مستندة إلى تهم ملفّقة، إضافة إلى الاحتجاز في ظروفٍ غير لائقة، بعضُهم في سجون سرّية، جوُّعوا وحُرموا من العلاج. كما وثقت حالات اقتحام لبيوت اللاجئين، )

2- اصدرت حكومة بريمر قانون إقامة الأجانب رقم 76، والذي ينصّ على إلغاء القوانين الصادرة عن مجلس قيادة الثورة العراقي (المنحل)، بما فيها القانون 202 وامتيازاته، ليضع القانون 76 اللاجئ الفلسطيني ضمن خانة المقيمين الأجانب بلا أي امتيازاتٍ أخرى. وأن القانون صار نافذاً بعد إقراره ونشره في جريدة الوقائع العراقية الرسمية بالعدد 4466. فالقانون الجديد قد عرّف الأجنبي بأنه "كل من لا يحمل الجنسية العراقية"، من دون أي استثناء صريح أو مضمر للاجئين الفلسطينيين وكان أبرز تلك الإجراءات ما اتخذته أخيرا دائرة التقاعد العامة، ووزارة التجارة، وتمثّل في سحب البطاقة الغذائية الشهرية عن الفلسطينيين والتي يصعب على العائلة في العراق الاستغناء عنها، ومنع الحقوق التقاعدية للفلسطيني المتوفّى، وحرمان ورثته. اتخذت أيضا قراراتٌ أخرى تتعلق بالطلاب، والوظائف، وإعادة فرض رسوم الصحة والتعليم والخدمات المختلفة عن الفلسطينيين بعد إعفائهم، وحرمانهم من التقدّم بطلبات للحصول على سكنٍ ضمن المشاريع الحكومية، كذلك حرمانهم من الاستفادة من القانون 21 الخاص بتعويض ضحايا العمليات الإرهابية، والأخطاء العسكرية التي ارتكبتها القوات الأميركية أو العراقية.

ووفق تقديرات غير رسمية، يوجد اليوم في العراق ما بين أربعة آلاف وستة آلاف لاجئ فلسطيني، هم الأفقر والأكثر بؤسا، مقارنةً بأشقائهم اللاجئين في دول الشتات الأخرى، سيما مع التباس وضعهم القانوني، نتيجة غياب اعتراف حكومي بهم، وعدم تمتعهم بأي حمايةٍ دولية، فهم لا يقعون ضمن مناطق عمل "أونروا" وخدماتها الإغاثية، ولا تعترف بهم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. والآن يقبع العشرات منهم في زنازين تايلند بعد ان تخلى الكل عنهم ولم يبق لهم الا رحمة الله وهو ارحم الراحمين .

 

 

التعليقات على خبر: المعذبون في الارض – فلسطينيو العراق

حمل التطبيق الأن